كيسنجر يخرج من سباته الشتوي لينظر للسلام مع روسيا

بقلم الكاتب محمد زعل السلوم ــ ألوان نيوز

في سن التاسعة والتسعين، يواصل هنري كيسنجر الظهور على الساحة الدولية. وأوضح هذا الأسبوع في دافوس أن أوكرانيا يجب أن تتنازل عن أراضي لروسيا : شبه جزيرة القرم وجزء من دونباس. 

كيسنجر واوكرانيا

على الرغم من دهائه السياسي الذي اشتهر به على مدى قرابة الخمسين عاماً، إلا أن كيسنجر يعاني من العديد من العيوب.

 طوال حياته، أراد أن يتألق من خلال تغيير مجرى التاريخ. لقد حقق ذلك عندما قام مع ريتشارد نيكسون بتقريب الولايات المتحدة من الصين. وهندسته للسلام العربي الإسرائيلي وفرض معادلة لاحرب ولا سلم بين سوريا واسرائيل، وبالمقابل ليس من المبالغة القول إن قوة الصين الحالية تنبع من سياسات كيسنجر. وتعثر السلام العربي الاسرائيلي واستمرار الصراع أيضاً نتيجة سياسات كسينجر. فضلاً عن ترسيخه لاستمرار حكم آل الأسد الكارثي في سوريا.

إلى جانب ذلك، يحب إخفاء جزء من الحقيقة عن الناس. ووفقا له، ليس من الجيد قول كل الحقيقة، خاصة عندما تفيد الأغنى.

ما هي حجج كيسنجر؟

في حالة أوكرانيا، طرح كيسنجر الحجج القديمة. وأوضح أن أوكرانيا كانت تدور في الفلك الثقافي لروسيا منذ مئات السنين، وأن أوكرانيا كانت خاضعة ومُهيمن عليها من الخارج لقرون، وأن استقلالها الحقيقي لم يكن سوى 23 عاماً. 

في الأساس، كما يقول كيسنجر، سيكون من المعقول أكثر بالنسبة لروسيا وأوكرانيا أن تتعاونا وأن تفهم كييف أن العودة إلى حدود ما قبل الحرب ستكون أفضل ما يمكن أن تأمله البلاد.

ماذا يجيب زيلينسكي؟

رد فولوديمير زيلينسكي بشكل لاذع على كيسنجر بأنه كان يتبع منطق اتفاقيات ميونيخ في عام 1938، عندما اتفقت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مع هتلر على منح أجزاء من تشيكوسلوفاكيا لألمانيا، مقابل سلام أثبت أنه وهمي.

في الواقع، لا شيء يشير إلى أن روسيا فلاديمير بوتين راضية عن دونباس وشبه جزيرة القرم. علاوة على ذلك، ستسمح الهدنة لبوتين بإعادة بناء جيشه المنهك جزئياً.

ما هي الدوافع الحقيقية لكيسنجر؟

سيكون من الإهانة لكيسنجر الاعتقاد بأنه لم يتصور أن يعيد بوتين بناء جيشه. ربما يكون مقتنعاً بأن هذا ما سيحدث. لكنه لن يقول علناً إنه يريد التضحية بالأوكرانيين من أجل مذبح مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. ما الاهتمامات بالضبط؟ المصالح الاقتصادية والمالية. ذلك لأن الاقتصاد العالمي يعمل بشكل سيء. التضخم مرتفع. الركود يهدد العالم كله. لكن تخيل انتهاء الحرب في أوكرانيا. 

أووف! سوف تنخفض أسعار الغاز والنفط. 

أووف! ستنخفض أسعار المواد الغذائية لأن أوكرانيا يمكن أن تورد حبوبها. 

أووف! سوف تتضاءل مخاطر الركود وستتجدد محافظ أصدقاء كيسنجر الأثرياء.

من يفكر مثل كيسنجر؟

يتشارك منطق كيسنجر بعض النخب المالية والسياسية في فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وبالطبع الولايات المتحدة. هناك مشكلة واحدة فقط وهي أن الأوكرانيين لم يهزموا ولم يقتربوا من الانهيار. وقد عانوا كثيراً لدرجة أن لهم الحق في إملاء إرادتهم كما يليق بالمنتصرين.

 كيسنجر، الذي مع ذلك يحب أن يتستر على الشعب الروسي، يرفض رفضاً قاطعاً مراعاة مصالح الأوكرانيين. اختار كيسنجر الدفاع عن المصالح التي تناسبه.

ماذا يعتقد الرأي العام؟

من ناحية أخرى، فإن الرأي العام للولايات المتحدة وحلفائها يؤيد الأوكرانيين. إن السماح للروس بالانتصار من خلال سلام مزيف أمر مستهجن. لكن ليس لكيسنجر علاقة بهذه الحجج. بل إنه يثير مخاطر نشوب حرب عالمية ثالثة.

إقرأ أيضاً :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *