تشيرنوبل وزاباروجيا وحضارة الذعر

  • بقلم محمد زعل السلوم ــ الوان نيوز

الفيسبوك والديكتاتورية :

بالأمس ليلة 11-12 مارس آذار وبعد أن حظرني الفيسبوك للمرة الثالثة وهذه المرة لثلاثة أيام، بسبب شكاوي مؤيدي بوتين والغزو الروسي على أوكراني، ونشري لأكثر من 400 مقطع فيديو قصير للناشطين الأوكرانيين، تظهر فيها الخسائر الكبيرة للروس، تفرغت لمشاهدة مسلسل تشيرنوبل الذي صدر عام 2019، وبذات الوقت كنت أفكر ماذا لو قامت قوات بوتين بتفجير مفاعل زاباروجيا جنوب شرق أوكرانيا وهو مفاعل يصل حجمه لعشرة أضعاف تشيرنوبل بحيث لا يوجد مكان آمن في منطقة أوراسيا، إلا اليمن وكيف سنحصل على حبوب اليود بهذه الحالة لحماية الغدة الدرقية من استنشاق اليود المشع المسبب للسرطان كما حصل مع 100 ألف أوكراني عاشوا في تشيرنوبل وكانوا ضحايا هذه الكارثة عام 1986.

المسلسل عظيم بتفاصيله وضروري لجميع البشر متابعته لقيمته الحالية والدائمة، فقد قدم لنا بطريقة عبقرية معنى حضارة “الذعر” التي نعيشها في كوكبنا، وبالفعل عاش العالم ليلة الخميس 2 مارس آذار 2022 الذعر بمعناه الحرفي والذي سيعني موت المياه الجوفية والبحر الأسود وثلثي أوكرانيا وتسمم ما يعادل ربع البشرية، وسيمتد قوس الإشعاعات النووية لكامل أوروبا وكامل الجزء العربي من القسم الآسيوي وبالطبع كامل الدول على البحر الأسود بما فيها تركيا وحتى يصل لمصر وجزء من السودان وأجزاء كبيرة من روسيا.

العقلية الماركسية :

هذه العقلية الغبية التي يعمل بها بوتين في تهديد العالم أدت لاجتماع مجلس الأمن واعتبرت دول العالم المتحضر ما قام به بوتين من محاولة تدمير مفاعل زاباروجيا, بأنه جريمة حرب كاملة الأوصاف.

وهي ذاتها العقلية الروسية في العهد السوفييتي في الاستهتار بالتعامل مع المفاعلات لديها ليظهر الخطأ نهاية المسلسل بأنه خطأ ليس بشري وإنما خطأ الدولة ذاتها بسبب عدم قيامها بإجراءات الأمان اللازمة والتي أدت لتفجير حتى قلب المفاعل النووي في تشيرنوبل، وبسبب الغزو الروسي الأخير لأوكرانيا لازال مفاعل تشيرنوبل يشكل تهديداً للبشرية رغم صبه وإغلاقه، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي عنه ربما سيؤدي لتشققات المفاعل من جديد وتسرب الشعاع النووي، ولا ننسى مفاعل ديمونا الإسرائيلي في النقب الفلسطيني، والذي يهدد بحال تشققه معظم العالم العربي والشرق الأوسط.

حضارة الذعر هذه تجعلنا نعيد التفكير في حساباتنا، وكلنا يعلم أن ألمانيا تخلت عن مفاعلاتها النووية عام 2011، واعتمدت الغاز والنفط الروسي، لكنها اليوم مهددة بقطع الغاز الروسي عنها مما سيدفعها مجدداً لتشغيل مفاعلاتها، لتتحاشى الأسعار التي ترتفع يوماً بعد يوم، مع عقوبات أوروبية متزايدة ضد الروس لا سابق لها على الإطلاق مع استمرار الغزو الروسي الذي يدخل يومه الثامن عشر دون حلول في الأفق.

المفاعلات النووية الاوكرانية :

أوكرانيا تمتلك عدة مفاعلات نووية تم بناءها في الحقبة السوفييتية، ولازال هناك ثلاث أو أربع مفاعلات نووية كبيرة في الغرب الأوكراني لم يصلها الروس بعد، فهل تستمر روسيا بسياسة التذكير بحضارة الذعر؟.

كان المسلسل وأقصد تشيرنوبل مكون من خمس حلقات، بيّن المسلسل مستوى بيروقراطية السوفييت وتأخرهم في احتواء كارثة تشيرنوبل وجهل السكان الذين عندما رأوا الانفجار النووي ليلة 26 ابريل نيسان 1986، وقفوا على جسر سكة القطار حيث امتد شعاعه بشكل عمودي للسماء دون إدراك وبسبب سرية الدولة السوفييتية البشعة وعن جهل، يتأملون به غير مدركين أن الإشعاع النووي الصادر عنه يعادل أربع قنابل نووية من التي ألقيت على هيروشيما ليموت معظم من شهدوا حادثة تلك الليلة بالسرطان واستنشاقهم لليود المشع. وفي المقابل أصاب أوروبا اليوم الذعر والطلب الجاري على حبوب اليود عالية خاصة في فنلندا التي هددها بوتين أيضاً مع السويد.

اليابان:

ولا ننسى الكوارث الثلاث في اليابان عام 2011، التسونامي والزلزال والكارثة النووية في فوكوشيما، وهناك الكثير في العالم من الكوارث النووية والأخطاء في المحطات النووية نتيجة نقص التكنولوجيا في السيطرة على اليورانيوم وحتى ذكرت منظمة دولية منذ تشيرنوبل لليوم تم تسجيل أكثر من 800 حادثة نووية، حتى بالولايات المتحدة نفسها التي تمتلك حتى قبل 16 عام 44 مفاعل نووي وغير معروفة نتائجه على البيئة والإنسان.

إقرأ المزيد :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *