الحرب الأوكرانية هي حرب أُخرى للسوريين

  • بقلم محمد زعل السلوم ـــ الوان سلوم .

الحرب وتداعيانها :

الحرب الدائرة في أوكرانيا مروعة ومفجعة. ومع ذلك، ليست هذه هي المرة الأولى التي يبلغنا فيها أن الحرب تدور رحاها على هذا الكوكب. فنحن كسوريين عشنا لإحدى عشر عاماً تلك الحروب ونشعر بما يشعر به الشعب الأوكراني لتجربتنا الأقرب لهم، ولكن لماذا تأثر العالم بهذا العدوان من قبل الأوكرانيين؟ ربما لأنه يخشى أن يتصاعد هذا الهجوم إلى حرب عالمية، ومن الممكن أن تتأثر أسعار المواد الخام والبنزين، إلخ ؟ ماذا لو جاء رد فعل العالم من اعتبارات أعمق بكثير؟

على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا أخطر بكثير من أي شيء عرفناه، فإن الحرب الحالية أثرت على العالم كثيراً لأنه في أوقات الوباء شهد جميع البشر وليس السوريين فقط خوفاً يمكن مقارنته بالخوف الذي يشعر به ضحايا الحرب.

وجه الشبه بين الحرب السورية والاوكرانية

في أوقات “الحرب الوبائية”، كان على البشرية أن تحارب عدواً قوياً، خصماً لا يُقهر لفترة طويلة. وهذا الخوف جعل العالم يهتز في مشاعر قوية أدت إلى تنشيط فرط الحساسية والتعاطف الجماعي لدى سكان الكوكب. باختصار، لم تكن هاتين السنتين من الجائحة سهلة ولكن مع ذلك جعلت البشرية تتطور في نواحٍ معينة.

الحرب الداخلية

في الواقع، الحرب بعيدة كل البعد عن كونها حدثاً ملموساً مرتبطاً بمساحة إقليمية. الحرب هي أولاً وقبل كل شيء حدث شخصي، يتم اختباره من الداخل (في الفضاء النفسي الفردي)، لأنه يتم تعريفها إلى حد كبير من خلال الآثار النفسية التي تولدها.

سورية تنظر الى انقاض بيتها المتهدم

ومع ذلك، فقد مررنا جميعاً كسوريين بمشاعر مماثلة لتلك التي عاشها الأوكرانيون واختبرها العالم في أوقات الوباء (مثل الخوف، والخراب، والاكتئاب، وما إلى ذلك). هذا هو السبب في أن هذه الحرب الحالية تؤثر على الجميع كثيراً ولو أنها حرب إضافية بالنسبة للسوريين. إنه يعيد تنشيط مشاعرنا التي ما زالت حديثة وغير محلولة. وخلافاً لكل التوقعات، يعد هذا أمراً إيجابياً إلى حد ما، لأنه من الممكن إجراء القليل من التغيير بدون نشاط فرط الحساسية العاطفية.

لا شيء يمكن أن يتغير بدون وجود مشاعر قوية نشعر بها تجاه الضحايا. وهناك ضحايا في كل مكان : الأوكرانيون والسوريون، وأطفال الحماية في أوروبا والغرب من العنف الأسري، وكبار السن في مأوى العجزة وهجر أبنائهم ، والنساء المعنفات، والأشخاص الذين يعانون من ضعف صحتهم البدنية أو العقلية، والأسر التي تعيش في فقر، وما إلى ذلك.

تحقيق

باختصار، أي تغيير يأتي بالضرورة من الوعي على مستوى العواطف (وليس فقط على المستوى العقلاني للفكر). بعبارة أخرى، لكي نعبئ أنفسنا حقاً، يجب أن نشعر بمحنة الآخرين ولا نفهمها فقط. بمجرد أن ترتبط “الهوائيات العاطفية” (تعاطفنا) جيداً بمشاعر الضحايا، يظهر دافعنا الحقيقي للرغبة في تغيير الوضع. تصبح، بطريقة ما، رسالة نحملها في قلوبنا.

لذلك دعونا نواصل السماح لأنفسنا بأن نتأثر بضائقة الآخرين، ومصيبة ضحايا جميع الحروب. دعونا نستمر في الغضب ونشهد على هذا بصوت عالٍ وواضح على جميع المنصات. وبالتالي، سوف نلاحظ ظهور العديد من المبادرات الشخصية والجماعية في جميع أنحاء الكوكب. مثل شخص بالغ عانى من جروح الطفولة والذي يفتح أخيراً شيئاً فشيئاً على هذا الواقع الصعب، سنرى أن الحياة تبدأ عندما تنتهي المخاوف.

إقرأ المزيد :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *