سوريا إلى أين ؟

الدكتور مصطفى حامد أوغلو طبيب وكاتب ــ ألوان نيوز

الدكتور مصطفى حامد أوغلو

نادى السوريون في بداية حراكهم الجماهيري “يالله مالنا غير يالله”

 وبعد مرور  أقل من سنتين  من بداية الثورة السورية وببدايات عام ٢٠١٣ كنت اترجم لشخصية بارزة بالمعارضة السورية بلقاء كبير ضم عشرات من السياسين والصحفيين ورجال الأعمال باسطنبول قال:

 ” إن الثورة السورية خرجت من أيدي السوريين، وعلى الدول المجاورة ان تمسك بزمام  المبادرة بشكل سريع وتعمل على توجيه  وتنظيم عمل المعارضة السورية”

بعد اعوام من هذا اللقاء وفي العام ٢٠٢١  اي بعد ثمان اعوام تقريباً من تلك المقولة، كان رد احدى الشخصيات السورية السياسية الهامة ايضاً على سؤال سألته له أثناء لقاء بمحاضرة بعنوان  سورية الى أين ،

قال:

” سوريا ذاهبة الى حيث يريد السوريون”

سوريا خرجت من ايدي السوريين  نظام ومعارضة…!!

وسوريا ذاهبة الى حيث يريد السوريون…!!

مقولتان متاقضتان..

الأولى استفزتني لأنها كانت في أوج الحراك الشعبي …

والثانية ادهشتني لأنها جاءت بعد انحسار الثورة وانكسار الهمم وسيادة خيبة الأمل …

لكن غالبية السوريين كانوا ولا يزالون بين هاتين المقولتين…

الأولى يعتمدها الكثيرون وخاصة من تبوأوا مناصب سياسية متقدمة، وسمعوا كلاما كثيراً ممن اجتمعوا معهم من سفراء ووزراء ورؤساء…

عندهم قناعة ان الأسد ليس له من أمره شيء وانه عبد مأمور من قبل دول كبرى ودول اقليمية ومليشيات وحسابات أخرى…

والمعارضة ايضا مرتهنة لا حول ولا قوة لها ، ولايمكن ان تكون فاعلاً ورقما صعباً، بل يجب عليها مراعاة مصالح الدول الإقليمية، ومحاولة البحث عن دور من خلال تقاطع المصالح، والاستقواء بالآخر واللعب على التناقضات والاستفادة من الخلافات بين اللاعبين الكبار…

اما المقولة الثانية ورغم انه جاءت في مرحلة متقدمة حيث خفتت بها  شعلة الثورة وضعفت رياح الأمل بالتغيير وحصلت خيبات أمل في كثير من دول الربيع العربي ، فهي تُعيد التفكير للتركيز على العنصر الأهم في اي حراك ثوري وتحرك مجتمعي وتَغير وطني …

العامل الأساسي في محرك اي قوة هو الإنسان السوري الذي بدونه لا يمكن لأي قوة أخرى ان تُحدث أي أثر بدون دعم وتعاون هذا العنصر الأساسي…

اليوم وبعد كل هذه التجارب المريرة ,برأيي لا يزال الكثيرون بين هاتين المقولتين… ,والمقولتان تحتاجان التوقف عندهما…ومراجعتهما…

هل بالفعل أصبح الملف السوري بين أيدي الدول الكبرى والاقليمية ولم يعد أبناء سوريا سوى دمى تحركها القوى الأخرى..!؟؟

وهل يتوجب على السوريون الانتظار فقط…!؟

أم الأمر على العكس من ذلك تماماً وأن السوري هو الجوهر والفاعل الأساسي  والرقم الصعب في رسم سوريا المستقبل !!؟؟

ربما يكون من الحكمة الجمع بينهما أو اعتماد المقولة الثانية هي الأساس وقبول الاولى من باب الواقعية والقراءة الصحيحة لموازين القوى..

لكن من المؤكد ان من يتبنى الأولى لن يحرك ساكناً بل سينتظر غيره ان يرسم له مستقبله …

ومن اعتمد على زاد غيره طال جوعه…

إقرأ أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *