الوقت الاستثمار الأكثر ربحاً..

بقلم الدكتور محمد عفيف .

الوقت وأهميته :

الاستثمار الأكثر ربحاً..

“فقط تأمل معي كمية الوقت الذي يذهب دون قيمة، لتعلم بأن المحرك الأساسي للإنجاز هو الوقت وليس أي شيء آخر”.

ليس من باب المبالغة أن يقال بأن الوقت هو أكثر الموارد المربحة لدى البشر، وذلك لأننا جميعاً نمتلكه بتوزيع عادل، ولن تجد شخصاً فقير-وقت ولكن ستجد شخصاً فقيراً في استثمار وقته. ومن عجائب الوقت أنه صديق الإنسان وعدوه في آن واحد لأنه يعتمد على قدرة الإنسان على تطويعه لخدمة الأهداف أو تركه ليكون عبئاً من خلال إضاعته بلا إنجاز يُذكر.

لا يختلف من يمتلك فائضاً من الوقت عن ذلك الذي يمتلك فائضاً من المال، ولا عن ذلك الذي يمتلك فائضاً من القوة؛ فالاختلاف الحقيقي هو في كيفية توجيه هذا الفائض سواء كان وقتاً أو مالاً أو قوةً، غير أن فائض الوقت متاح للجميع دون استثناء شرط أن يقوم الإنسان بوضع خطة مناسبة لكي يقوم باستثمار هذا الفائض الذي يمكن أن يتحول إلى قيمة ما. ولكن كيف ذلك؟

هنالك من يقوم بتحويل فائض الوقت إلى اكتساب مهارة جديدة، وهنالك من يقوم بتحويل الوقت إلى نقود، وهنالك من يحوّل الوقت الفائض إلى عبادة، وهكذا..

كيف نستغل الوقت :

يعرف الإنسان عادةً بأن لديه فائضاً في الوقت إذا قام بواجباته واضطلع بمسؤولياته وأنهى عباداته ورفّه عن نفسه، حينها يكون أمام خيارين اثنين، إما أن يقوم بإضاعته دون تحقيق شيء ما أو أن يضع خطة ويلتزم بها سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي أو الشخصي. ولأن الأمر نسبي في هذا الشأن، وكثير من الناس لا يميزون بين الوقت الضائع والوقت المخصص للترفيه مثلاً، هنا يجب توضيح معيار محدد لمعرفة فيما إذا كان لدينا وقتاً فائضاً أم لا، وهو ألا نعطي الأعمال التي نقوم بها أكثر من وقتها المخصص لها؛ فلا نبالغ في اداء مهمة ما إذا كان الوقت المخصص لها قد انتهى فعلاً. الأمر يعتمد كثيراً على التسديد والمقاربة من جهة معايير الضرورة والأهمية ونسبة الاستعجال.

إذا قمت بالأمور العاجلة والمهمة والضرورية وأخذت قسطاً من الراحة والترفيه، يصبح الوقت المتبقي فائضاً يمكن أن يتم استثماره وتحويله إلى قيمة مادية أو معنوية شرط أن تحدد تماماً تلك القيمة لكي تركز فيها وتحصل على التطوير المنشود في حياتك، وهذا يعتمد على قدرتك على تحديد احتياجاتك بدقة.

السؤال الأكثر أهمية هنا هو:


ما المجال الذي تحتاج إلى استثمار وقتك الفائض به لكي تصنع فارقاً؟ ثم ضع هدفاً واضحاً ومحدداً في ذلك المجال.

  • بناء جسم رشيق
  • ممارسة رياضة
  • تعلم لغة (الصينية مثلاً)
  • اكتساب مهارة (في التكنولوجيا مثلاً)
  • بناء العلاقات (اجتماعية أو مهنية)
  • قراءة كتب معينة (في تطوير الذات مثلاً)
  • استكمال الدراسة (الماجستير مثلاً)
  • حضور دورات محددة (في التسويق مثلاً)
  • تنمية هواية (صناعة المحتوى مثلاً)
  • التأمل والتفكر وزيادة الارتباط مع الذات
  • الإنتاج الفكري (الكتابة مثلاً)
  • الصلاة والدعاء والتقرب من الله
    وهذه القائمة طويلة تحتاج من الشخص أن يعرف ما يريد تماماً لكي يستطيع وضع خطة التطوير فيما يتناسب مع اهتماماته وطموحاته.

يقول أديسون: “يخسر الناس معظم الفرص التي تواجههم لأنها تأتيهم دائماً بملابس العمل، فلا توجد فرص مجردة من الجهد إلا في الأحلام ولا يقابل الفرص في الأحلام إلا النيام”.

يعد الوقت من أفضل الفرص التي وهبها الله للإنسان، ولكن توفر الوقت وحده لا يكفي للقيام بالأعمال الكبيرة، حيث يتطلب الأمر جهداً ليس كل الناس على استعداد لبذله، لذا نجد المجتهد والمتقاعس كما نجد المنجز وقليل الإنجاز.

لقد كتب سبنسر جونسون كتاباً بعنوان ذو بلاعة عالية بعنوان The Present حيث تمت ترجمته إلى العربية بعنوان “الهدية” والمفارقة البلاغية الجميلة هنا أن الكلمة ذاتها تعني أيضاً “الحاضر” أي الوقت الحاضر، وعندما تقرأ الكتاب تجد نفسك أمام فكرة الوقت الحاضر وكيفية النظر إليه من خلال ذلك الشاب الذي يبحث عن “الهدية” التي يجدها في أن يستثمر اللحظة “الآن” ويستمتع بها.

الوقت هدية والحاضر هدية واللحظة “الآن” هي أجمل هدية، لذا نجد من يفسد على نفسه متعة لحظة “الآن” لغياب التخطيط المسبق لها، أما إذا أردنا أن نستمتع بلحظة الغد علينا أن نبدأ بالإعداد لها من “الآن”، وهذا الاستثمار هو الأكثر ملائمة في هذه اللحظة.

إقرأ أيضاً :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *