من دُهاة العرب الأربعة وفاتح مصر من هو؟


أبوعبد الله عَمْرو بن العاص بن وائل بن هاشم القُرشِيُّ السَّهمي أمير مصر، وأُمُّهُ النابغة من بني عَنَزَة.  

 من دُهاة العرب الأربعة وفاتح مصر من هو؟


   لمَّا ترك عمرٌو التَّقليدَ الأعمى، وأَعْمَلَ عقلَهُ اهتدى للإسلام:
      


قيل لعمرو بن العاص: ما أبطأ بك عن الإسلام و أنت في عقلك؟
فقال: (إنَّا كنَّا مع قوم لهم علينا تقدُّم وسنٌّ توازي حلومهم الجبال، ما سلكوا فجًّا فتبعناهم إلَّا وجدناه سهلًا، فلما أنكروا على النبيِّ ﷺ أنكرنا معهم، ولم نفكر في أمرنا وقلَّدناهم، فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا في أمر النبي ﷺ وتدبرنا، فإذا الأمر بَيِّنٌ فوقع في قلبي الإسلام).


حتميَّة إثابة المُطيع ومعاقبة العاصي هَدَتْ عَمْرًا إلى الإيمان بالآخرة:
   


قال عمرو فعرفَتْ قريش ذلك في إبطائي عمَّا كنتُ أسرع فيه من عونهم على أمرهم؛ فبعثوا إليَّ فتى منهم، فقال: أبا عبد الله، إنَّ قومك قد ظنُّوا بك الميل إلى محمد.
فقلتُ له: يا ابن أخي، إن كنتَ تحبُّ أن تعلم ما عندي فموعدك الظل من حراء.
فالتقينا هناك، فقلتُ: إني أنشدك الله الذي هو ربُّك وربُّ مَن قبلك ومَن بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟
قال: اللَّهُمَّ بل نحن.
فقلتُ: أفنحن أوسع معاشًا وأعظم ملكًا أم فارس والروم؟
قال: بل فارس والروم.
قلتُ: فما ينفعنا فضلنا عليهم في الهُدى إن لم تكن إلَّا هذه الدُّنيا وهم فيها أكثر منَّا أمراً ؟ قد وقع في نفسي أنَّ ما يقول محمد من البعث بعد الموت حقٌّ؛ ليُجْزَى المحسن في الآخرة بإحسانه، والمسيء بإساءته، هذا يا ابن أخي الذي وقع في نفسي، ولا خير في التَّمادِي في الباطل.


عمرو داهية من دُهاة العرب:


قال الشعبيُّ -رحمه الله-: (دُهاة العرب أربعة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد، فأمَّا معاوية فللحلم والأناة، وأمَّا عمرو فللمعضلات، وأمَّا المغيرة فللمُبادهة، وأمَّا زياد فللكبير والصغير).


  فطنته في معركة أجنادين للنَّجاة من الأرطبون قائد الروم:



في معركة أجنادين أراد عمرو أن يرى بنفسه حصون الروم من الدَّاخل، فذهب إلى الْأَرْطَبُونِ قائد الروم كأنَّه رسول من عند عمرو بن العاص، وَتَأَمَّلَ حُصُونَهُ حَتَّى عَرَفَ مَا أَرَادَ.
فقَالَ الْأَرْطَبُونُ فِي نَفْسِهِ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَمْرٌو، أَوْ إِنَّهُ الَّذِي يَأخُذُ عَمْرٌو بِرَأيِهِ، فَدَعَا حَرَسِيًّا، فَقَالَ: إِذَا مَرَّ بِكَ هذا فَاقْتُلْهُ.
فَفَطِنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ لِلْأَرْطَبُونِ: إِنِّي وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ بَعَثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ لِنَكُونَ مَعَ هَذَا الْوَالِي، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ آتِيَكَ بِهِمْ؛ لِيَسْمَعُوا كَلَامَكَ، وَيَرَوْا مَا رَأَيْتُ.
فَقَالَ الْأَرْطَبُونُ: نَعَمْ، وَدَعَا رَجُلًا، فَسَارَّهُ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ فَرُدَّهُ.
وَقَامَ عَمْرٌو فَذَهَبَ إِلَى جَيْشِهِ، فقال الْأَرْطَبُونُ: خَدَعَنِي الرَّجُلُ، هَذَا وَاللَّهِ أَدْهَى الْعَرَبِ.  


  شهد له النبيُّ ﷺ بالإيمان:


شهد الله تعالى للصَّحابة بالإيمان، بل جعل إيمانهم ميزانًا يُقاس به إيمان النَّاس، فقال: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا}  والصحابة أول مخاطب بالآية، وشهد النبيُّ ﷺ لعمرو وأخيه بالإيمان، فقال: «ابنَا العَاصِ مُؤْمِنَانِ: عَمْرٌو، وَهِشَامٌ».

 

 وشهد له النبيُّ ﷺ بالصَّلاح:


عَنْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه ، قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي»، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ، ثُمَّ طَاطَأَهُ.
فَقَالَ: «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ، فَيُسَلِّمَكَ اللَّهُ، وَيُغْنِمَكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً».
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فَقَالَ: «يَا عَمْرُو، نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ».


  عمرو فاتح بلاد الشَّام:


كان عمرو من أبرز القادة الفاتحين لبلاد الشَّام، فقد فتح أجنادين وشارك في فتح القدس ودمشق، وكان على رأس الميمنة في معركة اليرموك.
وأدار المعارك بذكاء، ولذا قال فيه عمر بن الخطاب  رضي الله عنه : (قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عما تنفرج).   

 

عمرو فاتح مصر:


لعمرو بن العاص حقٌّ في عنق كلِّ مصري مسلم، فقد كان سببًا في دخولهم الإسلام، حيث فتح مصر وحرَّرها من الاحتلال الروماني، وقد بشر النبيُّ ﷺ بفتحها، فقال: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، أَوْ قَالَ: ذِمَّةً وَصِهْرًا».  
الذِّمَّة: هِيَ الْحُرْمَة وَالْحَقُّ، وَأَمَّا الرَّحِم فَلِكَوْنِ هَاجَرَ أُمِّ إِسْمَاعِيل مِنْهُمْ، وَأَمَّا الصِّهْر فَلِكَوْنِ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيم مِنْهُمْ.  


  عمرو النَّبيل كريم الأخلاق:


عن الليث بن سعد أنَّ عُمَرَ نظر إلى عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، فقال: (ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلَّا أميرًا).  وقال قبيصة بن جابر: (صحبتُ عمرو بن العاص، فما رأيتُ رجلًا أنصع رأيًا، ولا أكرم جليسًا، ولا أشبه سريرة بعلانية منه).   


  خير ما يُسْتَعَدُّ به للقاء الله كلمة التَّوحيد:


عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ [أَيْ: حَال حُضُور الْمَوْت]، فَبَكَى طَوِيلًا، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ.
فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا.
فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: (إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ).  
إقرأ المزيد :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *