العنصرية في تركيا شبح يطارد اللاجئين

ألقت الحرب السورية بشباك تعقيداتها على من فروا هاربين يطلبون اجتنابها، حيث طالت ظلال الأزمة السورية كافة السوريين الذين لجؤوا إلى تركيا هرباً منها، وذلك حتى يحفظوا دماءهم وأرواحهم وما تبقى لهم من ممتلكات، إلا أن السوريين قد وقعوا في قفص العنصرية حيث لجؤوا، وما أن ازدادت أعدادهم حتى بات السجن أكثر إحكاماً عليهم.

العنصرية في تركيا شبح يطارد اللاجئين

أسباب ظهور العنصرية ضد اللاجئين السوريين

على الرغم من أن تدفق السوريين إلى تركيا قد بدأ منذ أن اشتعلت الحرب في سوريا عام 2011، إلا أن وحش العنصرية لم يزدد شراسة إلا في السنوات الأخيرة من الحرب، والتي شهدت تدفقاً غير مسبوق إليها، وتعود هذه الممارسات العنصرية بحق اللاجئين السوريين لعدة أسباب، ومنها:

1-     عدم وجود حل جذري للملف السوري

لا يزال ملف الأزمة السورية شائكاً لا يبشر بأي حلول في الفترة الراهنة، وعلى الرغم من ذلك تكبر الرغبة لدى العديد من اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم، إلا أن عدم شعورهم بالأمان عند العودة هو ما يؤرق مضجعهم ويثنيهم عن تحقيق رغبتهم، فمع تردي الأوضاع الأمنية في بلادهم قد ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً وعدم استقرار، وهو ما جعل العديد من اللاجئين ثابتين في مكانهم على الرغم من ازدياد الممارسات العنصرية بحقهم.

 كما أنهم غير واثقين من أن قرار العودة هو قرار سليم، وليس هناك ما يحفظ لهم دماءهم لدى عودتهم للديار حتى الآن، وهذا ما زاد الأمور سوءاً وزاد من الممارسات العنصرية بحقهم.

العنصرية في تركيا شبح يطارد اللاجئين

2-     وجود عثرات في سياسة إدارة ملف الهجرة

لا يمكن إغفال الجانب الإنساني للحكومة التركية في تعاملها مع اللاجئين منذ اندلاع الشرارة الأولى للحرب في تركيا، حيث اتبعت سياسة الباب المفتوح وفتحت أبوابها لكافة اللاجئين وسهلت عليهم إتمام دراستهم والعمل من أجل كسب قوت يومهم.

إلا أنه من جانب آخر سادت حالة من الفوضى والعشوائية في دوائر الهجرة من حيث سن القوانين المتعلقة بالضيوف من السوريين، وبات الخلل واضحاً جلياً ولا سيما من حيث:

  • تغيير هويات اللاجئين الخاصة بالحماية المؤقتة لأكثر من مرة، وتغيير التفاصيل المتعلقة بأماكن التقديم لاستلام هذه الهويات.
  • عدم تقنين العمل بالنسبة للاجئ السوري بشكل رسمي.
  • عدم ضبط آلية الزواج لمن هم تحت السن القانوني بشكل صارم
  • إغفال أهمية دورات الاندماج والتي من المفترض أن تكون موجهة لكل من السوريين والأتراك على حد سواء، لأن توجيه هذه الدورات لجهة دون أخرى يجعلها تعود بالفشل.

3-     مناهضة المعارضة التركية لاستقبال اللاجئين

يعتبر حزب الشعب الجمهوري أحد أكبر أحزاب المعارضة للحكومة التركية، والذي صعد من ممارسات إفشال الحكومة بعد نجاحها في انتخابات عام 2019، وبات يقظاً لأي إجراء تقوم به الحكومة حتى يثبت للشارع التركي ان الحكومة ليست جديرة بثقته.

واعتبر الحزب المعارض ملف اللاجئين السوريين كنزاً له، وبات يصطاد أخطاء الحكومة في إدارة هذا الملف، ويصور للشارع التركي فشل الحكومة في إدارته، إلى جانب تزكية نفسه أنه الوحيد القادر على إدارة هذا الملف وإنقاذ البلاد من تبعات فشله، وهذا من شأنه أن يؤجج الشارع ويغضبه على الحكومة ويزيد من اتقاد العنصرية في نفوسهم.

4-     تردي الوضع الاقتصادي

استطاع المعارضون إقناع الشارع التركي بخطابهم العنصري، وذلك بسبب تردي الوضع الاقتصادي في البلاد، وما يشهده من تضخم كبير وزيادة نسب البطالة، حيث ظن الأتراك أن السوريين قد سيطروا على سوق العمل بأكمله ولم يعد لديهم أي أمل باستعادته من بين أيديهم.

5-     تقصير الجمعيات والمنظمات السورية

بما أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا قد وصل إلى 4 ملايين سوري وربما أكثر بكثير، فلا بد أن تنبثق عن هذا المجتمع جمعيات ومنظمات مدنية، ويجب أن تتحمل هذه الفعاليات مسؤولية وطنية وإنسانية تهدف إلى الحد من ظاهرة العنصرية ضد السوريين، ولا بد من المساهمة في خلق قنوات إيجابية بين السوريين والأتراك على حد سواء.

الحلول المناسبة للحد من العنصرية ضد اللاجئين السوريين

لا بد من ان تتكاثف الجهود لوضع حد لهذه الممارسات التي يتعرض لها السوريون على الدوام في تركيا، وذلك عبر لعب المنظمات والهياكل السورية دوراً إيجابياً في كل من هذه الحلول:

  • توجيه خطاب معتدل للأتراك باللغة التركية للأتراك ليعرفهم بشكل أعمق بأبعاد القضية السورية، حيث أن معظمهم لا يزال على جهل بمجريات هذه الحرب وآثارها السلبية على الدول الجوار.
  • خلق قنوات حوارية مع الجهات التركية المجتمعية من منظمات مدنية وما شابه، بغية تضافر الجهود لإنهاء هذا الخطاب العنصري والتقليل من مظاهر الكراهية للاجئين السوريين.
  • التواصل باستمرار مع السياسيين الأتراك سواء من الحكومة أو المعارضة، لشرح حقيقة الواقع السوري في تركيا من جهة، ولعب دور إيجابي يضمن وضع حد لإنهاء الخطاب العنصري ولا سيما عبر التواصل مع المعارضة التي تلعب دوراً أساسياً في هذا الجانب.

هل طالت العنصرية جنسيات أخرى غير السوريين؟

يتساءل العديد حول هوية الجنسيات التي تعرضت للممارسات العنصرية في تركيا، وقد كشف تقرير نشره موقع الحرة تعرض العرب بشكل عام لهذه الممارسات المجحفة، من قبل مواطنين وحكوميين يحملون الجنسية التركية، ومن هذه الممارسات:

  • الاعتداء على المصري عبد الباري منسي المقيم في إسطنبول بالضرب على يد رجل تركي ادعى انزعاجه من صوته العالي أثناء نزوله من المتروباص مما تسبب له بنزيف في الأنف جراء الاعتداء.
  • شاب مصري آخر يدعى عبد الله قال في منشور له على فيس بوك، أنه واجه مواقف عنصرية منذ أن انتقل للعيش في مجمع سكني بإسطنبول.
  • انتشرت قصة لفتاة تدعى فجر عبد الناصر، والتي كانت قد تعرضت لموقف عنصري في أحد المطاعم، بعدما أجبروها على إنزال رجلها من على طاولة منخفضة رغم الإصابة التي تعاني منها في قدمها.
  • شابة عراقية تعرضت لمضايقات أيضاً لأنها لا تحمل الجنسية التركية، ولم يدعها سائق سيارة أجرة تركب معه لظنه أنها تحمل الجنسية السورية.

الجدير بالذكر أن  المناطق التي يسكنها محافظون في إسطنبول، تكون فيها نسبة العنصرية أقل بالمقارنة مع مناطق أخرى، يكون فيها جمهور حزب الشعب الجمهوري المعارض هو الأغلبية.

إقرأ أيضاً :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *