أبو أُمامة الباهلي رضي الله عنه  


هو صُدَيُّ بْنُ عَجْلانَ بن وهب بن عمرو أبو أمامة الباهلي.


 كان أبو أمامة من المُلازمين للصِّيام:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟
قَالَ:  عَلَيْكَ بِالصَّوْم ِ، فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ .
قَالَ: فَمَا رُئِيَ أَبُو أُمَامَةَ وَلَا امْرَأَتُهُ وَلَا خَادِمُهُ إِلَّا صُيَّامًا. قَالَ: فَكَانَ إِذَا رُئِيَ فِي دَارِهِمْ دُخَانٌ بِالنَّهَارِ، قِيلَ: اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ نَزَلَ بِهِمْ نَازِلٌ.  


كان يحثُّ على حفظ القرآن:



قال أَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: “اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ”. (خلق أفعال العباد ص٨٧).

  أبو أُمامة الباهلي الشيخ صالح المغامسي


مَن ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه:


مِن كَرَم الله تعالى أنَّ مَن ترك شيئًا مِن عَرَضِ الدُّنيا ابتغاءَ مرضاة الله؛ فإنَّ الله يُخلِف عليه ما هو خير منه، ففي الحديث: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ». (رواه أحمد ٢٢٥٦٥)   

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ  رضي الله عنه-، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى قَوْمِي أَدْعُوَهُمْ إِلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ شَرَائِعَ الإِسْلامِ، فَأَتَيْتُهُمْ وَقَدْ سَقُوا إِبِلَهُمْ، وَأَحْلَبُوهَا، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا: مَرْحَبًا بِالصُّدَيِّ بْنِ عَجْلانَ، ثُمَّ قَالُوا: بَلَغَنَا أَنَّكَ صَبَوْتَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ.

قُلْتُ: لا، وَلَكِنْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَبَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَيْكُمْ أَعْرِضُ عَلَيْكُمُ الإِسْلامَ وَشَرَائِعَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءُوا بِقَصْعَةِ دَمٍ فَوَضَعُوهَا، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهَا يَأْكُلُوهَا، فَقَالُوا: هَلُمَّ يَا صُدَيُّ، فَقُلْتُ: وَيْحَكُمْ إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ مَنْ يُحَرِّمُ هَذَا عَلَيْكُمْ بِمَا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟

قُلْتُ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إِلَى قَوْلِهِ {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة:3]، فَجَعَلْتُ أَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَيَأْبُونَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَيْحَكُمُ ايْتُونِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي شَدِيدُ الْعَطَشِ، قَالُوا: لا، وَلَكِنْ نَدَعُكَ تَمُوتُ عَطَشًا.

قَالَ: فَاعْتَمَمْتُ وَضَرَبْتُ رَأْسِي فِي الْعِمَامَةِ، وَنِمْتُ فِي الرَّمْضَاءِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي بِقَدَحِ زُجَاجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَفِيهِ شَرَابٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَلَذَّ مِنْهُ فَأَمْكَنَنِي مِنْهَا، فَشَرِبْتُهَا فَحَيْثُ فَرَغْتُ مِنْ شَرَابِي اسْتَيْقَظْتُ، وَلا وَاللَّهِ مَا عَطِشْتُ، وَلا عَرَفْتُ عَطَشًا بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ، فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: أَتَاكُمْ رَجُلٌ مِنْ سَرَاةِ قَوْمِكُمْ [أي: سادتهم]، فَلَمْ تَمْجَعُوهُ بِمَذْقَةٍ [أي: لم تسقوه شربة لبن]، فَأْتُونِي بِمَذِيقَتِهِمْ، فَقُلْتُ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، فَأَرَيْتُهُمْ بَطْنِي فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ. (المستدرك ٦٧٠٥).


وكانت له كرامات باهرة:



قال الذهبي -رحمه الله-: “لأَبِي أُمَامَةَ كَرَامَةٌ بَاهِرَةٌ، جَزِعَ هُوَ مِنْهَا، وَهِيَ فِي كَرَامَاتِ الدَّاكَالِيِّ، وأنَّه تَصَدَّقَ بِثَلاثَةِ دَنَانِيْرَ فَلَقِيَ تَحْتَ كَرَاجَتِه [أي: تحت فراشه] ثَلاثَ مائَةِ دِيْنَارٍ”. (سير أعلام النبلاء ٣٩٦/٤).


حثُّه على الإخلاص:


مرَّ أبو أمامة -رضي الله عنه- على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده، ويدعو ربَّه، فقال أبو أمامة -رضي الله عنه-: “أنت أنت، لو كان هذا في بيتك!”. (الزهد لابن المبارك ١٥٦).
فليتَ المتفاخرين بالعبادات أمام الكاميرات وعبر منصات التَّواصُل يعملون بنصيحة أبي أمامة  رضي الله عنه 

من المؤسف أن نرى كثيرًا من النَّاس يهتمون بالتصوير عند الكعبة أكثر من اهتمامهم بالطواف!
ومن الطريف: أن أحدهم يجعل الكعبة خلف ظهره لتظهر في خلفية الصورة، ثم يرفع يديه يدعو ويعطي الجوال لمن يصوره ولا يدري المسكين أنَّ الكعبة هي قِبلة الصَّلاة والدُّعاء .

 التَّحذير من الخوارج:

الخوارج هم شرُّ الخَلْق فأهون شيء عندهم سفك الدِّماء، وقتل الأبرياء!
لذا كان السَّلف يُحَذِّرون منهم ومن عقيدتهم.

لَمَّا أُتِيَ بِرُءُوسِ الْأزَارِقَةِ [وهم فرقة من الخوارج]، فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ، جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ -رضي الله عنه-، فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: ” كِلَابُ النَّارِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، هَؤُلَاءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلَاءِ”.
فقيل لأبي أمامة -رضي الله عنه-: فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟
قَالَ: “إِنِّي أَرْحَمُهُمْ قَوْمٌ، أَرَادُوا شَيْئًا، فَلَمْ يُصِيبُوهُ!”. (رواه أحمد ٢٢١٨٣)، و(الترمذي ٣٠٠٠)، وحسنه الألباني.
يعني أنهم قصدوا نصرة الدِّين، ولكن وسيلتهم لذلك كانت قتل الأبرياء، والخروج على ولي الأمر، وشقِّ عصا المسلمين، فهم في الحقيقة أعداء الدِّين!

  تبليغ العلم مع الحرص على تفهيمه:

مُهمَّة الرُّسل وأتباعهم تبليغ الدِّين تبليغًا واضحًا، قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِين} [النور:٥٤]، فالبلاغ لا يتمُّ إلا بالتَّوضيح والتَّفهيم، وهكذا كان يفعل أبو أمامة -رضي الله عنه-.
عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ -رضي الله عنه-، يُحَدِّثُنَا فَيُكْثِرُ، ثُمَّ يَقُولُ: “عَقَلْتُمْ؟”.
فَنَقُولُ: نَعَمْ.
فَيَقُولُ: “بَلِّغُوا عَنَّا فَقَدْ بَلَّغْنَاكُمْ”، يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ. (جامع بيان العلم وفضله ٧٨٦).

إقرأ المزيد :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *